Monday, September 5, 2011

الأفضل أداء السنن الرواتب ونحوها من النفل المطلق في البيوت والمساكن



هذا وإن كثيراً من المسلمين ولله الحمد يحرصون على أداء السنن الرواتب عقيب الصلوات الخمس في المساجد، أو قبلها إن كانت الراتبة قبلية، وهو أمر يحمدون عليه ويرجى لهم به وافر الحسنات، لكنهم يغفلون عن أمر مهم، وهو أن الأفضل أداء السنن الرواتب ونحوها من النفل المطلق في البيوت والمساكن، ولا يستثنى من ذلك إلا النوافل التي يشرع لها الجماعة كصلاة القيام في رمضان مثلاً هذا هو السنة في هذه السنة وإليك بعض الأدلة:

1-عن يزيد بن ثابت رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة».

وفي لفظ عند أبي داود: «صلاة أحدكم في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة».

2-وعن عبدالله بن شفيق قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تطوعه؟ فقالت: "كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعاً، ثم يخرج يصلي بالناس، ثم يدخل فيصلي ركعتين، وكان يصلي بالناس المغرب، ثم يدخل فيصلي ركعتين، ثم يصلي بالناس العشاء، ويدخل بيتي فيصلي ركعتين، إلى أن قالت: كان إذا طلع الفجر صلى ركعتين".
    زاد أبو داود: "ثم يخرج فيصلي بالناس صلاة الفجر".

3-وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبوراً».

ومن الثابت المستفيض أن الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، ومع ذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع التنفل فيه، ويصلي الرواتب في بيته غالباً كما مر من حديث عائشة رضي الله عنها، بل ويحث الصحابة على ذلك بصريح العبارة.
ومما يؤكد ذلك ما ثبت من حديث عبدالله بن سعد الحرامي الأنصاري رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما أفضل، الصلاة في بيتي أو الصلاة في المسجد؟
فقال: «ألا ترى إلى بيتي ما أقربه من المسجد، فلأن أصلي في بيتي أحب إلي من أن أصلي في المسجد، إلا أن تكون صلاة مكتوبة».

ومثله كذلك ما رواه كعب بن عجرة رضي الله عنه حيث قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم أتى مسجد بني عبد الأشهل فصلى فيه المغرب فلما قضوا صلاتهم رآهم يسبحون بعدها أي ينتفلون بالراتبة، فقال: «هذه صلاة البيوت» وفي لفظ: «عليكم بهذه الصلاة في البيوت».

وهذه الأحاديث وأمثالها هي التي حملت جماعة من أهل العلم على القول بأن الفضل الوارد في تضعيف الصلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي خاص بالفرائض دون النوافل، وظاهر الآثار يدل عليه.

بل ذهب بعض أهل العلم إلى أن الصلاة النافلة في البيت أفضل من أدائها في جوف الكعبة.
وبالغ الإمام الطحاوي حين قرر أن من نذر أن يصلي تطوعاً في المجسد الحرام أو المسجد النبوي أو المسجد الأقصى فإن صلاته ببيته تجزيه، لأن أداء صلاة التطوع في بيته أفضل من أدائها في أحد المساجد الثلاثة التي نذر أن يتطوع فيها.

وقد نقل جماعة من الأئمة منهم ابن عبدالبر، وابن العربي، والنووي وغيرهم، الإجماع على أن أداء النفل المطلق في البيت أفضل من أدائه في المسجد، وأما السنن الرواتب القبلية أو البعدية التابعة للفرائض فإنه وإن نازع فيها بعض الأئمة فإن جماهير أهل العلم على تفضيل أدائها في البيوت أيضاً.

وبهذا صح النقل، وتواترت السنة، وهو المشهور الذي جرى عليه العمل في عهد السلف الصالح، قال العباس بن سهل سعد الساعدي رحمه الله: "لقد أدركت زمن عثمان بن عفان، وإن ليسلم من المغرب، فما أرى رجلاً واحداً يصليها في المسجد، يبتدرون أبواب المسجد حتى يخرجوا فيصلونها في بيوتهم.

فهذا الذي حكاه التابعي الجليل العباس بن سهل الساعدي رحمه الله هو الحال القائم في عهد الصحابة رضي الله عنهم تجاه أدائهم للنوافل في بيوتهم، وخاصة سنة المغرب وراتبتها، لأنه قد ثبت من حديث رافع بن خديج رضي الله عنه وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم».
وهذا الحديث وأمثاله هو الذي جعل بعض الأئمة يشدد القول في أداء راتبة المغرب خاصة في البيت حتى نقل المروزي عن الإمام أبي ثور أن من صلى ركعتي المغرب في المسجد يكون عاصياً.

بل قال عبدالله ابن الإمام أحمد: "قلت لأبي: إن رجلاً قال: من صلى ركعتين بعد المغرب في المسجد لم تجزه إلا أن يصليها في بيته، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «هذه صلاة البيوت»
قال: من هذا؟
قلت: محمد بن عبدالرحمن ابن أبي ليلى، قال: ما أحسن ما قال: أو ما أحسن ما التزم
.

No comments:

Post a Comment